بقلم: ميلود الرحالي
وقعت روسيا والولايات المتحدة اتفاقا جديدا بشأن الترسانة النووية للبلدين، وقد تميز هذا الاتفاق بكونه يتم في ظروف ذاتية خاصة بهما، وظروف حساسة يمر بها العالم، خصوصا ما يتعلق بمستقبل الدول العظمى في التوازنات العالمية المنتظرة.
بدون شك، تنطوي هذه الاتفاقية على عدة نوايا وخلفيات، يتولى تفصيلها الآن القادة الروس والأمريكان سواء بتصريحاتهم، أو إشارات رحلاتهم المكوكية.
فتوقيع الاتفاقية سيرشح عنه مزيد من النقاش حول جدوى ومستقبل السلاح النووي العالمي، وطرق تهذيبه ومراقبته.
لماذا الآن؟
منذ الخمسينيات من القرن الماضي، والدول التي تمتلك السلاح النووي، أو تلك التي قامت بتجارب نووية، تحاول إعلان نفسها رسميا دولة نووية، والهدف من ذلك، التأثير النفسي على المنتظم الدولي من جهة، والرفع من قدراتها التفاوضية من جهة ثانية. الهدف نفسه، جعل جل الدول تبحث جادة في أن تكون طرفا لتوقيع معاهدة أو اتفاقية ما، تثبت رسميا اعتمادها دولة نووية، وتقيد باقي الدول الطامحة لامتلاك هذا النوع من التقنية، سواء كانت سلمية أو غير ذلك.
وهكذا، تميزت بعض الفترات من هذه المرحلة التاريخية بتصاعد الأصوات المنادية بعقد القمم النووية، لتطويق الوضع وتحديد أفق سير العالم، وفق اختيار العظماء بطبيعة الحال.
توقيع "ستارت 2" لا يخرج عن هذا السياق، فاستقراء المعطيات الميدانية وخطابات القادة الروس والأمريكان على حد سواء، قبيل وعند الاتفاقية، يبين أن الظرفية الحالية تمثل للطرفين بالفعل فرصة لهذا الاتفاق.
أمريكا لم تعد قادرة على ردع الدول السائرة في طريق التسلح النووي مثل كوريا الشمالية وإيران، كما أن التفكير في مهاجمة دولة معينة بذريعة امتلاكها لهذا النوع من السلاح لم يعد مستساغا، خصوصا بعد نكسة التدخل العسكري الأمريكي بالعراق.
أضف إلى هذا، واقع التسابق المحموم نحو التسلح النووي في الخليج، الذي يذكيه من جهة، وجود عدو إسرائيلي يمتلك ترسانة نووية أكيدة لا حق لأحد في مناقشتها، ومن جهة ثانية، وجود دول الخليج جغرافيا بين عدوين لا يتحرجان من الإفصاح عن أمل أحدهما في تنحية الآخر (إيران وإسرائيل)، إضافة إلى كون دول الخليج تطوق نفسها الآن بوجود أهم القواعد الأمريكية، التي ستكون بدون شك، هدفا للسلاح الإيراني المتنوع في حال مهاجمة المواقع النووية الإيرانية من طرف أمريكا أو إسرائيل.
فرصة مواتية إذن للولايات المتحدة للتوقيع على هذه الاتفاقية والإفصاح عن برنامج جديد للتسلح، يجسد "النوايا الحسنة" لرئيسها الجديد، نوايا تدل على أن مطامح الأمريكان تصبو إلى الآتي:
- طمأنة أصدقاء أمريكا المفتقدون لهذا النوع من السلاح، وعلى رأسهم دول الخليج، من خلال الالتزام بعدم مهاجمتها به في الحالات الاعتيادية، وتمكينها من الطاقة النووية السلمية عند الاقتضاء؛
- إحراز الإجماع لتطويق إيران ومنعها من امتلاك التقنية النووية، على الرغم من أن الاحتمال الأكبر حول هذه التقنية، أن إيران غير قادرة على صناعة القنبلة في هذه المرحلة؛
- إقرار قانونية توجيه ضربة محتملة إلى الماردين النوويين (كوريا وإيران)، وبكافة أنواع الأسلحة؛
- ضمان تعاون عالمي ضد إرهاب نووي محتمل؛
- تثبيت تجاهل دولي حيال الملف النووي الإسرائيلي، أو ضمان تطبيع وتدلل دوليين لإسرائيل مقابل فتح النقاش حول هذا الملف.
أما عن العقيدة النووية المزعومة، فقد لخص البيان الصادر عن الرئيس أوباما شكل هذه الاستراتيجية الحربية الجديدة المبنية على خطوات ثلاث: الحفاظ على الأمن القومي الأمريكي -وإن شئت قل والإسرائيلي- مع التقليص من دور الأسلحة النووية في الترسانة الحربية الأمريكية، ومواصلة الضغط على الدول الساعية إلى الحصول على هذه الأسلحة وفي مقدمتها إيران وكوريا الشمالية.
بهذه الحقائق، تبقى الاتفاقية ومعها الاستراتيجية الجديدة، مجرد إجراء احترازي أمريكي للمحافظة على تفوقها العسكري، بعيدا كل البعد عن ضمان حماية الأمن الدولي، أو جعل الكرة الأرضية خالية من السلاح المدمر كما يرفع ذلك في شعارات الرئيس الجديد، خصوصا بعد توشيحه بجائزة نوبل للسلام.
أما روسيا، فرهاناتها من نوع آخر، في مقدمتها أن تكون "ستارت 2" مقدمة إلى اتفاقيات أخرى تلزم العملاقين، ومعهما الأطراف النووية الأخرى، بعدم نشر أسلحة نووية تكتيكية في بلد ثالث. بالمنطق التفاوضي، إقناع المجتمع النووي، وأمريكا على الخصوص، بخفض قواعدها العسكرية المطلة على الأراضي الروسية، وفي مقدمتها الدرع الصاروخية المقلقة، التي بقيت حجر عثرة في وجه التفاوض لمدة سنة وما يزيد.
تستمد "ستارت 002" مشروعيتها السياسية المرحلية من رغبة مشتركة للطرفين. طرف أمريكي تحفزه مخاوفه المزدوجة من عدو ظاهر طموح إلى امتلاك السلاح، وعدو خفي يتربص ببقايا مواد انشطارية تساعده في صنع سلاح تقليدي مدمر. وطرف روسي، يعاني هو الآخر من وجود حركات مناهضة لمشاريعه، تعمل بطريقة حرب العصابات التي تدخل في حساباتها استعمال كل سلاح أو وسيلة تعبد الطريق إلى الاستقلال والتحرر، إضافة إلى كون هذا الطرف (روسيا) يراهن جديا على طمأنة أمريكا وإقناعها بسحب قواعدها ودراعها الصاروخية المقلقة.
رهانات مثالية شبه مستحيلة
تتضمن الاتفاقية في أهم بنودها أربع إجراءات مهمة:
- خفض الترسانة النووية للبلدين إلى 1550 رأس لكل منهما؛
- الوصول إلى تحدي 800 منصة إطلاق فقط؛
- الاكتفاء بـ700 من حاملات الرؤوس كالصواريخ والغواصات والطائرات؛
- العمل على خفض ترسانتي البلدين بنسبة 30 بالمائة في غضون سبع سنوات.
بنود طموحة فعلا، خصوصا في ضوء تبني الاتفاقية من طرف قطبي العالم النوويين طواعية، وبعد سنة من المفاوضات الثنائية الشاقة، ودون ضغوط شعبية أو مطالبة رسمية تذكر. لكن، وللاستدراك فقط، لقد تم في السابق إبرام العديد من الاتفاقيات، وتوقيع حزمة من البروتوكولات الأكثر طموحا في هذا الشأن، فماذا كان مصيرها؟
لقد اجتمعت الدول الموقعة على معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية على مدار ثمان مؤتمرات لمتابعة الالتزام بالاتفاقات، وذلك منذ نفاد الاتفاقية عام 1970، فكانت النتيجة، تحول لائحة الدول النووية من أقل من عشر دول إلى ما يقارب العشرين، واللائحة مرشحة للمزيد، بل إن المعاهدة والاتفاقية مرشحة برمتها للانهيار، أما بنودها فقد طالها الإفلاس والتجاوز من قبل الدول الموقعة قبل غيرها.
لنفترض جدلا أن الطرفين استطاعا خلال السنوات السبع المقترحة الوصول إلى هذه الأهداف، ألا يرى رائد السلام العالمي أوباما، ووارث الاشتراكية ميدفيدف، أن إفناء العالم يكفيه قنبلتين أو ثلاثة، فلم إذن هذا الهوس بالتسلح، ألا يرى العاقلان أن تدمير التركة النووية لبلديهما والاحتفاظ بالثلث يعتبر إقرارا رسميا بالحق الأوحد في تدمير العالمين؟.
ولنعد الآن إلى تفصيل أحد هذه الطموحات. قد يستطيع البلدان تقليص عدد حاملات الرؤوس، كما قد يستطيعا كذلك التخلص من بعض منصات الإطلاق. لكن، كيف يستطيع أحد الطرفين تفكيك هذه الأعداد من الرؤوس النووية، مع العلم أن رأسا نووية واحدة يتطلب تفكيكها العشرات من العمليات المعقدة، وتحليل العشرات إن لم نقل المئات من الكراسات التي تتضمن طلاميس العلاقات العلمية المعقدة والكلمات السرية المستعصية.
لنتصور أنه تم بالفعل ضبط برنامج خاص للوصول إلى تفكيك بعض الرؤوس بنجاح، كيف يستطيع أحد الطرفين التخلص من المواد المشعة المترتبة عن عمليات التفكيك، وكيف يستطيع تسديد تكاليف عمليات التخلص في ضوء أزمة عالمية خانقة وعجز اقتصادي بين، أم أن العملاقين سيلجآن إلى سياسة الأرض المحروقة المبنية على أحد الاحتمالين:
- السطو على المزيد من أراضي البلدان الفقيرة وإفناء من عليها نتيجة تحويل هذه المواد القاتلة أو التخلص منها على أراضي المستضعفين؛
- بيع هذه المواد بشكل ابتزازي إلى دول صديقة لاستعماله كمصدر للطاقة، مع ما يمكن أن يلازم عملية التحويل هذه من مخاطر جمة، فلن ينسى العالم كارثة تشرنوبيل المدمرة وما تلاها من ويلات بيئية إلى يومنا هذا.
وفي كلتا الحالتين، سيبقى الخطر النووي قائما، واحتمالات أضراره مؤكدة. هذا إذا استثنينا احتمال سقوط هذه النفايات النافعة من بلوتونيوم وغيره في أيادي غير صديقة، وهو الاحتمال المخيف، الذي دفع ساكني البيت الأبيض إلى تجميع 47 دولة للبحث في سبل الحيلولة دون وقوع هذا النوع من المواد النافعة في شراك الحركات المعادية لسياسات الأمريكان، والضغط على باكستان بالتحديد لبدل مزيد من الجهد في تحصين ترسانتها النووية من القاعدة وطالبان.
عادة، عندما يحضر الكبار للتوقيع، يحضر الصغار للتصفيق والإشادة. لكن، يبدو في هذه المرة أن التوقيع قد صاحبه تصفيق من نوع خاص، تصفيق احتجاج أطاح بنظام موال لأمريكا في قرغيزيا، وتصفيق مماثل في العديد من دول العالم أرغم نتنياهو على الاعتذار عن حضور قمة الـ47 بنيويورك. أما الغضب الثابت لبيونغ يانغ وطهران فقد أذكاه تصريح أوباما باعتماد كل الخيارات في وجهيهما.
فما أصابنا من شر فبما كسبت أيدينا، ويعفو ربي عن كثير.
وقعت روسيا والولايات المتحدة اتفاقا جديدا بشأن الترسانة النووية للبلدين، وقد تميز هذا الاتفاق بكونه يتم في ظروف ذاتية خاصة بهما، وظروف حساسة يمر بها العالم، خصوصا ما يتعلق بمستقبل الدول العظمى في التوازنات العالمية المنتظرة.
بدون شك، تنطوي هذه الاتفاقية على عدة نوايا وخلفيات، يتولى تفصيلها الآن القادة الروس والأمريكان سواء بتصريحاتهم، أو إشارات رحلاتهم المكوكية.
فتوقيع الاتفاقية سيرشح عنه مزيد من النقاش حول جدوى ومستقبل السلاح النووي العالمي، وطرق تهذيبه ومراقبته.
لماذا الآن؟
منذ الخمسينيات من القرن الماضي، والدول التي تمتلك السلاح النووي، أو تلك التي قامت بتجارب نووية، تحاول إعلان نفسها رسميا دولة نووية، والهدف من ذلك، التأثير النفسي على المنتظم الدولي من جهة، والرفع من قدراتها التفاوضية من جهة ثانية. الهدف نفسه، جعل جل الدول تبحث جادة في أن تكون طرفا لتوقيع معاهدة أو اتفاقية ما، تثبت رسميا اعتمادها دولة نووية، وتقيد باقي الدول الطامحة لامتلاك هذا النوع من التقنية، سواء كانت سلمية أو غير ذلك.
وهكذا، تميزت بعض الفترات من هذه المرحلة التاريخية بتصاعد الأصوات المنادية بعقد القمم النووية، لتطويق الوضع وتحديد أفق سير العالم، وفق اختيار العظماء بطبيعة الحال.
توقيع "ستارت 2" لا يخرج عن هذا السياق، فاستقراء المعطيات الميدانية وخطابات القادة الروس والأمريكان على حد سواء، قبيل وعند الاتفاقية، يبين أن الظرفية الحالية تمثل للطرفين بالفعل فرصة لهذا الاتفاق.
أمريكا لم تعد قادرة على ردع الدول السائرة في طريق التسلح النووي مثل كوريا الشمالية وإيران، كما أن التفكير في مهاجمة دولة معينة بذريعة امتلاكها لهذا النوع من السلاح لم يعد مستساغا، خصوصا بعد نكسة التدخل العسكري الأمريكي بالعراق.
أضف إلى هذا، واقع التسابق المحموم نحو التسلح النووي في الخليج، الذي يذكيه من جهة، وجود عدو إسرائيلي يمتلك ترسانة نووية أكيدة لا حق لأحد في مناقشتها، ومن جهة ثانية، وجود دول الخليج جغرافيا بين عدوين لا يتحرجان من الإفصاح عن أمل أحدهما في تنحية الآخر (إيران وإسرائيل)، إضافة إلى كون دول الخليج تطوق نفسها الآن بوجود أهم القواعد الأمريكية، التي ستكون بدون شك، هدفا للسلاح الإيراني المتنوع في حال مهاجمة المواقع النووية الإيرانية من طرف أمريكا أو إسرائيل.
فرصة مواتية إذن للولايات المتحدة للتوقيع على هذه الاتفاقية والإفصاح عن برنامج جديد للتسلح، يجسد "النوايا الحسنة" لرئيسها الجديد، نوايا تدل على أن مطامح الأمريكان تصبو إلى الآتي:
- طمأنة أصدقاء أمريكا المفتقدون لهذا النوع من السلاح، وعلى رأسهم دول الخليج، من خلال الالتزام بعدم مهاجمتها به في الحالات الاعتيادية، وتمكينها من الطاقة النووية السلمية عند الاقتضاء؛
- إحراز الإجماع لتطويق إيران ومنعها من امتلاك التقنية النووية، على الرغم من أن الاحتمال الأكبر حول هذه التقنية، أن إيران غير قادرة على صناعة القنبلة في هذه المرحلة؛
- إقرار قانونية توجيه ضربة محتملة إلى الماردين النوويين (كوريا وإيران)، وبكافة أنواع الأسلحة؛
- ضمان تعاون عالمي ضد إرهاب نووي محتمل؛
- تثبيت تجاهل دولي حيال الملف النووي الإسرائيلي، أو ضمان تطبيع وتدلل دوليين لإسرائيل مقابل فتح النقاش حول هذا الملف.
أما عن العقيدة النووية المزعومة، فقد لخص البيان الصادر عن الرئيس أوباما شكل هذه الاستراتيجية الحربية الجديدة المبنية على خطوات ثلاث: الحفاظ على الأمن القومي الأمريكي -وإن شئت قل والإسرائيلي- مع التقليص من دور الأسلحة النووية في الترسانة الحربية الأمريكية، ومواصلة الضغط على الدول الساعية إلى الحصول على هذه الأسلحة وفي مقدمتها إيران وكوريا الشمالية.
بهذه الحقائق، تبقى الاتفاقية ومعها الاستراتيجية الجديدة، مجرد إجراء احترازي أمريكي للمحافظة على تفوقها العسكري، بعيدا كل البعد عن ضمان حماية الأمن الدولي، أو جعل الكرة الأرضية خالية من السلاح المدمر كما يرفع ذلك في شعارات الرئيس الجديد، خصوصا بعد توشيحه بجائزة نوبل للسلام.
أما روسيا، فرهاناتها من نوع آخر، في مقدمتها أن تكون "ستارت 2" مقدمة إلى اتفاقيات أخرى تلزم العملاقين، ومعهما الأطراف النووية الأخرى، بعدم نشر أسلحة نووية تكتيكية في بلد ثالث. بالمنطق التفاوضي، إقناع المجتمع النووي، وأمريكا على الخصوص، بخفض قواعدها العسكرية المطلة على الأراضي الروسية، وفي مقدمتها الدرع الصاروخية المقلقة، التي بقيت حجر عثرة في وجه التفاوض لمدة سنة وما يزيد.
تستمد "ستارت 002" مشروعيتها السياسية المرحلية من رغبة مشتركة للطرفين. طرف أمريكي تحفزه مخاوفه المزدوجة من عدو ظاهر طموح إلى امتلاك السلاح، وعدو خفي يتربص ببقايا مواد انشطارية تساعده في صنع سلاح تقليدي مدمر. وطرف روسي، يعاني هو الآخر من وجود حركات مناهضة لمشاريعه، تعمل بطريقة حرب العصابات التي تدخل في حساباتها استعمال كل سلاح أو وسيلة تعبد الطريق إلى الاستقلال والتحرر، إضافة إلى كون هذا الطرف (روسيا) يراهن جديا على طمأنة أمريكا وإقناعها بسحب قواعدها ودراعها الصاروخية المقلقة.
رهانات مثالية شبه مستحيلة
تتضمن الاتفاقية في أهم بنودها أربع إجراءات مهمة:
- خفض الترسانة النووية للبلدين إلى 1550 رأس لكل منهما؛
- الوصول إلى تحدي 800 منصة إطلاق فقط؛
- الاكتفاء بـ700 من حاملات الرؤوس كالصواريخ والغواصات والطائرات؛
- العمل على خفض ترسانتي البلدين بنسبة 30 بالمائة في غضون سبع سنوات.
بنود طموحة فعلا، خصوصا في ضوء تبني الاتفاقية من طرف قطبي العالم النوويين طواعية، وبعد سنة من المفاوضات الثنائية الشاقة، ودون ضغوط شعبية أو مطالبة رسمية تذكر. لكن، وللاستدراك فقط، لقد تم في السابق إبرام العديد من الاتفاقيات، وتوقيع حزمة من البروتوكولات الأكثر طموحا في هذا الشأن، فماذا كان مصيرها؟
لقد اجتمعت الدول الموقعة على معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية على مدار ثمان مؤتمرات لمتابعة الالتزام بالاتفاقات، وذلك منذ نفاد الاتفاقية عام 1970، فكانت النتيجة، تحول لائحة الدول النووية من أقل من عشر دول إلى ما يقارب العشرين، واللائحة مرشحة للمزيد، بل إن المعاهدة والاتفاقية مرشحة برمتها للانهيار، أما بنودها فقد طالها الإفلاس والتجاوز من قبل الدول الموقعة قبل غيرها.
لنفترض جدلا أن الطرفين استطاعا خلال السنوات السبع المقترحة الوصول إلى هذه الأهداف، ألا يرى رائد السلام العالمي أوباما، ووارث الاشتراكية ميدفيدف، أن إفناء العالم يكفيه قنبلتين أو ثلاثة، فلم إذن هذا الهوس بالتسلح، ألا يرى العاقلان أن تدمير التركة النووية لبلديهما والاحتفاظ بالثلث يعتبر إقرارا رسميا بالحق الأوحد في تدمير العالمين؟.
ولنعد الآن إلى تفصيل أحد هذه الطموحات. قد يستطيع البلدان تقليص عدد حاملات الرؤوس، كما قد يستطيعا كذلك التخلص من بعض منصات الإطلاق. لكن، كيف يستطيع أحد الطرفين تفكيك هذه الأعداد من الرؤوس النووية، مع العلم أن رأسا نووية واحدة يتطلب تفكيكها العشرات من العمليات المعقدة، وتحليل العشرات إن لم نقل المئات من الكراسات التي تتضمن طلاميس العلاقات العلمية المعقدة والكلمات السرية المستعصية.
لنتصور أنه تم بالفعل ضبط برنامج خاص للوصول إلى تفكيك بعض الرؤوس بنجاح، كيف يستطيع أحد الطرفين التخلص من المواد المشعة المترتبة عن عمليات التفكيك، وكيف يستطيع تسديد تكاليف عمليات التخلص في ضوء أزمة عالمية خانقة وعجز اقتصادي بين، أم أن العملاقين سيلجآن إلى سياسة الأرض المحروقة المبنية على أحد الاحتمالين:
- السطو على المزيد من أراضي البلدان الفقيرة وإفناء من عليها نتيجة تحويل هذه المواد القاتلة أو التخلص منها على أراضي المستضعفين؛
- بيع هذه المواد بشكل ابتزازي إلى دول صديقة لاستعماله كمصدر للطاقة، مع ما يمكن أن يلازم عملية التحويل هذه من مخاطر جمة، فلن ينسى العالم كارثة تشرنوبيل المدمرة وما تلاها من ويلات بيئية إلى يومنا هذا.
وفي كلتا الحالتين، سيبقى الخطر النووي قائما، واحتمالات أضراره مؤكدة. هذا إذا استثنينا احتمال سقوط هذه النفايات النافعة من بلوتونيوم وغيره في أيادي غير صديقة، وهو الاحتمال المخيف، الذي دفع ساكني البيت الأبيض إلى تجميع 47 دولة للبحث في سبل الحيلولة دون وقوع هذا النوع من المواد النافعة في شراك الحركات المعادية لسياسات الأمريكان، والضغط على باكستان بالتحديد لبدل مزيد من الجهد في تحصين ترسانتها النووية من القاعدة وطالبان.
عادة، عندما يحضر الكبار للتوقيع، يحضر الصغار للتصفيق والإشادة. لكن، يبدو في هذه المرة أن التوقيع قد صاحبه تصفيق من نوع خاص، تصفيق احتجاج أطاح بنظام موال لأمريكا في قرغيزيا، وتصفيق مماثل في العديد من دول العالم أرغم نتنياهو على الاعتذار عن حضور قمة الـ47 بنيويورك. أما الغضب الثابت لبيونغ يانغ وطهران فقد أذكاه تصريح أوباما باعتماد كل الخيارات في وجهيهما.
فما أصابنا من شر فبما كسبت أيدينا، ويعفو ربي عن كثير.
Mer 1 Nov 2017 - 16:41 par يونس بوعرفة
» تعلم HTML وCSS وPHP في موقع واحد باللغة الفرنسية وبالله التوفيق للجميع
Mar 5 Avr 2016 - 15:35 par يونس بوعرفة
» Vous trouverez des explications concernant les fonctions les plus couramment utilisées dans Excel
Lun 20 Juil 2015 - 17:57 par يونس بوعرفة
» أحـكـام تـخـص الـصـيـام يـحـتـاجـها كـل مـسـلـم : الـسـحـور
Lun 30 Mar 2015 - 10:31 par يونس بوعرفة
» كتاب حول التهيئة العمرانية
Dim 7 Sep 2014 - 22:54 par abdou62
» le meilleur de la maintenance des installations industrielles
Lun 25 Aoû 2014 - 6:09 par elbatel
» قناة LES TEACHERS DU NET على YouTube لتعلم لغة الJAVA
Lun 11 Aoû 2014 - 15:43 par يونس بوعرفة
» تعلم بعض برامج Office باللغة الفرنسية مثل Word,Excel,Access,PowerPoint
Jeu 27 Fév 2014 - 10:32 par يونس بوعرفة
» دستور حياتك الشخصى
Lun 17 Fév 2014 - 12:02 par يونس بوعرفة
» للانخراط في الهيئة الوطنية للتقنيين بالمغرب آخر المستجدات التي تهم جميع التقنيات والتقنيين بالمغرب
Dim 9 Fév 2014 - 15:11 par Tech1
» قوانين و شروط منتدى التقنيين و التقنيات المغاربة
Dim 9 Fév 2014 - 15:04 par Tech1
» عرفنا بنفسك - تخصصك - مركزك
Mar 14 Jan 2014 - 13:03 par imad
» موقع جيد لتعلم برنامج Excel حظ سعيد للجميع
Mar 10 Sep 2013 - 11:10 par يونس بوعرفة
» موقع جميل لتعلم لغة SQL حظ سعيد للجميع
Mar 10 Sep 2013 - 11:07 par يونس بوعرفة
» مفاجاة (كتاب صناعة القائد لدكتور طارق السويدان PDF)
Lun 11 Mar 2013 - 14:08 par driss bouayach
» NOUVEAU PROGRAMME : AUTOFLUID 2009
Mar 25 Sep 2012 - 9:44 par STS]ThomasG]
» est ce que avec une licence professionnelle on changer de statut
Ven 17 Aoû 2012 - 12:55 par kentssi
» صور حركية لعشرة تمارين تفيد في التخلص من الكرش
Sam 19 Mai 2012 - 21:44 par marouenov
» la plomberie
Sam 12 Mai 2012 - 11:55 par ElbazProfIslam
» كتب مهمة خاصة بتخصص دهن و طلاء
Sam 12 Mai 2012 - 11:27 par ElbazProfIslam
» الشامل في الطبوغرافيا بالفرنسية -جزء 01-
Sam 12 Mai 2012 - 11:15 par ElbazProfIslam
» Fondation_d'immeuble
Sam 12 Mai 2012 - 11:06 par ElbazProfIslam
» calcul RDM en excel
Sam 12 Mai 2012 - 11:02 par ElbazProfIslam
» cour algorithme
Mar 17 Avr 2012 - 18:23 par يونس بوعرفة
» تحميل كتاب نادر جدا Le grand livre de l'électricité
Mer 25 Jan 2012 - 10:40 par last abdel
» تصفح أشهر الصحف العربيه من خلال منتدى التقنيين و التقنيات المغاربة
Mar 17 Jan 2012 - 10:46 par economaroc
» un site très riche pour les gens d'informatique
Dim 15 Jan 2012 - 19:09 par said
» روابط ل مئات الكتب بالعربية
Sam 14 Jan 2012 - 21:19 par حميمش محمد
» Allplan 2005 Architecture
Jeu 12 Jan 2012 - 23:52 par abdelkrim katmane
» كتب متنوعة très très très importants
Sam 7 Jan 2012 - 9:50 par marrah
» امتحانات الكفائة المهنية للتقنيين من الدرجة الثالثة
Sam 24 Déc 2011 - 16:45 par أبو إلياس
» كيفية بناء منزلك
Mer 14 Déc 2011 - 1:11 par tecsimo75
» تعلم دروس برامج الطرز بالكمبيوتر
Dim 20 Nov 2011 - 18:50 par jaghar mohamed
» نصائح.. تقودك لطريق العبقرية
Jeu 10 Nov 2011 - 18:48 par atlasaziz
» eIntéressante bibliothèque à votre disposition. bibilothèque scientifique numérique marocain
Jeu 3 Nov 2011 - 12:41 par hicham
» طلب دروس تقني في تربية المواشي تخصص ابقار اغنام من الفوارات
Mar 18 Oct 2011 - 15:00 par بوشعيب دحاني
» إخبار مهم لجميع التقنيين بالمغرب واستشارة بخصوص عقد لقاء وطني للتقنيين بالمغرب
Ven 14 Oct 2011 - 15:53 par said harbili
» كتاب مهم في المراسلات الادارية الاجتماعية والتجارية
Dim 9 Oct 2011 - 3:21 par namadij
» اضافة ركن جديد خاص بكل تخصص حتى تعم الفائدة اكثر خصوصا لموظفي الجماعات المحلية
Sam 8 Oct 2011 - 21:07 par said
» اول دليل شامل للمواقع الهندسية / موقع أكثر من رائع
Ven 7 Oct 2011 - 19:52 par tecsimo75
» الشامل في الطبوغرافيا - بالفرنسية - الجزء2
Ven 7 Oct 2011 - 17:24 par rafaa11
» طلب دروس التكوين المهني
Jeu 6 Oct 2011 - 0:08 par saadibader
» Educatel formation à distance
Sam 24 Sep 2011 - 17:27 par said
» Ouverture des inscriptions aux Mastères de l'ENSEM / cours des soirs
Sam 24 Sep 2011 - 17:25 par said
» عنوان الكتاب Electricité domestique لن تندموا باذن الله
Mer 21 Sep 2011 - 10:00 par marouenov
» مجلة مجتمع لينوكس العربي العدد8
Lun 19 Sep 2011 - 16:15 par ccna
» صناعة الفكر ( السيطرة على الآخرين) لجمال الهميلي
Mer 14 Sep 2011 - 23:11 par said
» بيـــــــــــــان اللجنة الوطنية للتقنيين
Lun 5 Sep 2011 - 11:47 par dromado
» تصميم الأنظمة الكهربائية للمباني للمبتدئي
Jeu 11 Aoû 2011 - 14:27 par BADREDDINE
» كتاب المفيد في الخرسانة . . . كتاب المفيد في الخرسانة
Sam 6 Aoû 2011 - 18:31 par أبو إلياس